من أرض ما قبل التاريخ
UNEARTHING

استحداث نظام مبتكر، بآلية عمل تفاعلية موجّهة، يكون للخيال فيها الدور الأبرز، بعيداً عن التكرار المعمول به في أنظمة الإنتاج الحالية التي يقوم فيها الحرفيون بإنتاج مئات النسخ من نفس القطعة.

هذا النظام المستحدث، هو أداة تتيح للناس تبادل الأفكار حول ما يرونه جميلاً، واستسقاء الإلهام مما تتسم به هذه الحرفة من الخصوصية، والاكتفاء بعدم الكمال.

نحن نعمل على تمكين هذه الحرفة من أن تتطوّر لتصبح ضمن سلسلة من الأشكال المعاصرة الانسيابية، كمصباحٍ أو غلّاية أو غيرها من المنتجات الوظائفية التي يمكن استخدامها وإعادة إدخالها في حياتنا اليومية. فعلى الرغم من استخدامات المنتجات الفخارية اليومية، إلا أن حرفة صناعة الفخار - بدءاً من تحضير المواد الخام وصولاً إلى عملية التصنيع - منسجمة انسجاماً تاماً مع جميع حواسّ الإنسان، وبالتالي ستؤدي هذه السلسلة من الأشكال والمنظومة التفاعلية المترابطة إلى تحفيز وصقل وتنامي مختلف الحواس كالبصر والسمع واللمس.

وبناء على ذلك، يتمثل هدفنا الأهم في الارتقاء بهذه الحرفة وتمكينها من الوصول إلى مرحلة الازدهار من خلال معادلة ثلاثية الأركان، بدءاً من الحرفيين المحليين (مصنع دلمون)، وصولاً إلى دبي، ومن ثم العودة إلى مملكة البحرين، وذلك في محاولة لخلق ما يكفي من الوعي حول هذه الحرفة ذات القيمة العالية والمهمة التي يجب أن تبقى عنصراً متأصّلاً في نسيج التراث البحريني.

علاوة على ذلك، نسعى لخلق واجهة استخدام ذات نظام مترابط يقدم هيكلية معينة، يمكن للناس من خلاله - إما بشكل اعتباطي أو متعمد – أن يصنعوا مجموعة متناسقة ومتجانسة، حيث سيكون بإمكان المستخدم بواسطة الشاشة أن يحاكي الحرفي معتمداً على يديه وعينيه في عملية التصنيع، ما يؤدي إلى خلق عمل فريد يجسّد تجربة المستخدم مع هذه الحرفة إلكترونياً. وبالتالي ستسمح لنا هذه الواجهة بأن نأخذ حرفة غير مستغلة على الوجه الأكمل وتحديثها بواسطة مفاهيم تفاعلية جديدة يسهل الوصول إليها والتفاعل معها لإنتاج وأشكالٍ جذابة تصلح للعرض.

كما وسنقوم بالإضافة إلى ذلك كله، بعرض تركيب فني متطور يتكون من مقاطع فيديو ممنتجة تسرد تاريخ هذه الحرفة بأسلوب الصور المتسلسلة.

مملكة البحرين هي جزيرة تقع في قلب الخليج العربي، وكانت قديماً موطن دلمون ولاحقاً تايلوس. وتمتلك البحرين ثقافةً وتراثاً فريداً ومتنوعاً يشمل العديد من الصناعات الحديثة والتقليدية، لاسيما صناعة الفخار وارتباطها العميق والمتأصّل بهوية البحرين الحضارية.

وتعتبر صناعة الفخار حرفة قديمة برزت في البحرين أثناء عصريّ دلمون وتايلوس كما يشير إلى ذلك الكم الهائل من القطع القديمة التي يعود تاريخ صنعها لآلاف السنين والتي عُثر عليها في المواقع الأثرية المنتشرة في أنحاء الجزيرة. ونظراً لموقع البحرين الاستراتيجي، كانت المواد الخام متوفرة محلياً، الأمر الذي ساهم في إنتاج أنواع مختلفة من الفخار واكتساب الحرفيين البحرينيين مستوى متقدماً في هذه الصناعة.

وقد كان استخدام الفخار عبر التاريخ جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، منها استخدام الأواني لنقل المياه أو في معظم الحالات كوعاء للتخزين. ولطالما اعتُبر حضور الفخار في شتى الاستخدامات اليومية مصدراً للفخر نظراً لكونه مادة تتسم بالاعتمادية والديمومة، ولكن في يومنا هذا تحولت هذه النظرة –للأسف- إلى كون الفخار مجرد مادة من الماضي تُعرض لخصائصها الجمالية ليس أكثر. وهذا ما قادنا إلى التساؤل إن كان بالإمكان أن تصبح مزاولة مثل هذه الحرف والقيم التي تعلمنا إياها أكثر يسراً وسهولة من خلال دمجها بتكنولوجيا العصر الحديثة التي غالباً ما تُتّهم بأنها السبب وراء عدم مزاولة هذه الحرف.

حالياً، تعتمد المصانع في منطقة عالي على نفس الأدوات البدائية، الأمر الذي ينعكس على طبيعة إنتاجها من الفخار. فعلى الرغم من توحيد المنتجات بدافع تصنيعها بالجملة، إلا أن عملية تشكيل كل وعاء لا زالت تتم يدوياً. وبالتالي نطمح إلى بناء وتصميم نظام يصون ويحافظ على هذه الحرفة المحلية الغنية ولكنها غير مستغلة كما يجب.

من خلال تأسيس نظام مخصص وتفاعلي، نسعى إلى جعل تجربة الجمهور تجربة شخصية، وأن نساهم في توعية الأجيال الحالية والقادمة عن أهمية وقيمة هذه الحرفة الفريدة والغنية التي هي جزءٌ من تراثنا وتاريخنا البحريني، وإعادة الفخار إلى حياتنا اليومية. وبواسطة الاستخدام الحديث والواجهة سهلة الاستخدام والتي تحاكي النظام التقليدي لصنع الفخار، سيكون بإمكان الجمهور أن يشهد عودة الفخار من جديد وأن يضيف أفكاراً تفاعلية جديدة إلى هذه الحرفة، وهذا من شأنه خلق نوع من التوازن، فمن جهة نحافظ على الخصائص الأصيلة لهذه الحرفة، ومن جهة أخرى يُسمح لها بأن تتطور وتتكيّف مع متغيرات عالمنا المعاصر.